بقلم:
م. إقبال جوليانشاه زين
Post
Graduate of Sunan Kalijaga University, Yogyakarta
E-mail
: iqbal.zen21@gmail.com
ملخَّص البحث
تناقش
هذه
المقالة
حول
موقف
الولي
في
الزواج.
وقد
كان
الهدف
من
الزواج
بالتأكيد
تكوين أسرة متناسقة التي تدعى
سكينة
ومودة
ورحمة. ولتحقيق الهدف السامي
للزواج،
يرى
معظم
العلماء
إلى
أهمية
وجود
الولي في الزواج. كأحد نماذج
الحفاظ
على
حقوق
المرأة.
على الرغم من أن
معظم
العلماء
ذكر
أن
الولي
أصبح
عمودا للزواج، كإندونيسيا، كما ورد من
خلال
القوانين
الجارية.
ومع ذلك، هناك أحد العلماء الذي
يختلف مع غيره في هذا الأمر، وهو الإمام
أبو
حنيفة.
حيث أنه رأى أن الولي ليس ركنا من
أركان
الزواج.
والحجة التى قدمه اأبوحنيفة هي
حجة
القياس.
وهو شبه البكر مع الثيب أو الأرملة. فقد كانت المرأة
أكثر
فهما على نفسها في هذا الأمر. وفقه
الإمام
أبي
حنيفة
فيه
أكثر معقولية بسبب الظروف الاجتماعية المحيطة بالعاصمة.
الكلمات
الدّالة : الولي، الإمام أبوحنيفة،
الاجتماعي المدني
Abstract
This
paper discusses about the position of guardian in marriage. A marriage
certainly has the goal to establish a harmonious family which in the language
of religion called by sakinah, mawadah and rahmah. In order to realize the noble purpose of marriage, the
majority of scholars consider it important for the guardianship in a marriage
as one of the form to preserve the rights of women who are under guardianship.
Although most of scholars argued that the guardian as pillars of marriage as
adopted in Indonesia by existing any legislation, however there is one who
different from the other scholars, he is Imam Abu Hanifah. According to him,
the guardian is not included pillars of a marriage. The arguments is used by
Abu Hanifa is analogy (qiyas)
that mature girl is actually same as the widow. A woman who has grown up in
this case as one who would marry is a person of the most understanding of
himself. Imam Abu Hanifa’s frameworks more reasonable caused by the social
conditions surrounding that metropolitan. Thus, the socio-civic of someone will
affect the thinking constructs.
Keywords : Guardian, Imam Abu Hanifah, social-civic.
أ. مقدمة
تعد
الأحكام الإسلامية من المكونات التي لا تنفصل من حياة المسلمين. وتحتل الأحكام
الإسلامية مكانة مركزية وضرورية، فضلا عن جوهر الإسلام نفسه، بل تعتبر الأحكام
الإسلاميةكمعرفة غير منازعة(per excellence) ، ومن الطبيعي، عندما يرى جوسيف شاخت، أحد مراقبي
الغرب أنه "من المستحيل أن يفهم الإسلام بدون فهم الأحكام الإسلامية".[1]وما
من أحد يريد أن يتعلم الإسلام إلا ولا بد أن يتعلم جوانب الأحكام الإسلامية. وبالإضافة
إلى ذلك، قد قال أحد الخبراء في مجال التاريخ في أن الإسلام مرادف للحكم. وليس لهذا
القول إلا وهناك سبب وحجة. وذلك، لأن أيما بحث فسوف يناقش
فيه عن التعاليم الإسلامية، فالموضوع الذي يتم مناقشتها غالبا ما يتعلق بالأحكام
الإسلامية.[2]
وميزات
الأحكام
الإسلامية كالأحكام "المقدَسة" التى شرعها الله ينبعى
أن
تحتل مكانة رفيعة، لأنها تتعامل بشكل مباشر مع الاحتياجات الأساسية لجميع المسلمين.
والأحكام المنصوصة في الواقع بمثابة هدى للناس في حياتهم الدنيوية. ووجود
أحكام الله تعالى أو الأحكام الشرعية كتوجيه إنساني لا يقصد منها إلا لتحقيق المصالح
العامة.[3]
وينبغى
في الحديث عن الأحكام الإسلامية أو الفقه أن يفهم في
معانيهما والفرق بينهما. لأنه ليس من النادر هناك من يستويهما معنى. والشريعة عند
الفقهاء هي الأحكام أو القوانين التي شرعها الله للناس بواسطة النبي محمد صلى الله
عليه وسلم إما في القرآن، وإمافي السنة النبوية، أكانت قولا، أو
فعلا، أو تقريرا. وهي عند علماء الأصول تعنى كل ما أنزله الله على النبي محمد صلى
الله عليه وسلم في القرآن وفي السنة. ويمكن أن يفهم هنا، لا ينضم الفقه في معنى الشريعة،
لأن الفقه سوف يتطور بتطور الزمان ونتائج الاجتهاد. بخلاف الشريعة،كما يفهمها علماء
الأصول فهي شيء ثابت، لايتغير بتغير الزمان. وذلك وإن تغيرت شريعة الله، فهي لا تختلف
بالقوانين التي وضعها الإنسان، على نحو الفقه.[4]
وهذا
يوافق بما قدمه جون إسبوزيتو في كتاب Muslim Family Law Reform : Toward an
Islamic Methodology أن الشريعة هي
قانون إلهي (Divine
Law)، بخلاف الفقه الذي هو نتاج فهم الإنسان في تفسير القانون الإلهي وتطبيقاته.[5]
والأحكام
الإسلامية كمنتج الاجتهاد هي بالتأكيد ليست مستقلة عن أي تغير. وتتأثر
كل التغيرات الاجتماعية والثقافية في الأمة الإسلامية على تغييرات الأحكام
الإسلامية. ومن ثم، يجب أن لا تكون الأحكام الإسلامية راكدة، بل أن تتحرك
بشكل ديناميكي وفقا للتطور الزماني والمكاني. فإن قضايا المسلمين تستمر وتتنوع بما يصاحبها التقدم في التكنولوجيا، والثقافة،
والبيئة. ووقوف نشاط الاجتهاد يؤدي إلى الفراغ التشريعي الذي لا يتفق بمبادئ الأحكام الإسلامية في نهاية المطاف. وعجز الأحكام الإسلامية في
الرد على القضايا الجديدة و تجمدها يجعل "ختما" خاصا للأحكام الإسلامية
بأنها غير موافقة لزماننا الحاضر، ولا سيما للزمان المستقبل.
وفي
مجرى التاريخ، الأحكام الإسلامية هي قوة ديناميكية وخلاقة. وهذه تميزت بظهور المذاهب
المختلفة بأساليبها وخصائصها المختلفة، وفقا للخلفية السياسية
والاجتماعية والتاريخية بحيث كانت تنمو تلك المذاهب. ودافعت لنمو الأحكام
الإسلامية أربعة عوامل رئيسية، وهي: أولا، لسبب الهمة الدينية، وثانيا، انتشار
المجال السياسي الإسلامي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب. وثالثا، استقلال المتخصصين
في الأحكام الإسلامية (الحكماء أو الفقهاء) من السلطة السياسية. ورابعا، مرونة الأحكام
الإسلامية.[6]
وحافز
المسلمين الديني لمواصلة البحوث ومحاولاتهم المجهودة لتطبيق القيم والمعايير الإسلامية،
مما يؤدي إلى سيطرتهم العديد من
التخصصات العلمية من بداية ظهور الإسلام إلى الوقت الحاضر. وليس من العجب، أن يوجد
عالم من العلماء الذي كان يتقن مختلف التخصصات العلمية. ومن أحد العلماء الذي قدم
مساهمات قيمة في تطوير الأحكام الإسلامية هو أبو حنيفة (80ـ150 هـ).[7]وقد
كان مرجعا رئيسيا مما أدى إلى ظهور المذهب الحنفي المعروف
كأول المذاهب في إطار تاريخ المذاهب الإسلامية. وقد كانت إنجازات
أبي حنيفة في مجال الفقه يعترفها الكثير. ويمكن أن نشير إليه من اعتراف
الإمام الشافعي أن الناس مدينون إلى أبي حنيفة في الفقه. وإلى جانب اتقانه
لمجال
الفقه، وهو معروف أيضا بأهل الحديث، ويمكن أن نشير إليه من قول أبي يوسف بأن أبا
يوسف لا يعرف أبدا أي شخص يتجاوز قدرة أبي حنيفة في تفسير الحديث.[8]
وفي
المسائل الفقهية، وخاصة في الأحوال الشخصية، هناك اجتهاد أبي حنيفة وهو أن الولي
ليس عنصرا رئيسيا في الزواج. ويختلف هذا الرأي من أقوال الجمهور الذين رأوا من
لزوم وجود الولي في الزواج. والولي في الزواج شيء مطلق للمرأة أكانت بكرا أم ثيبا.
وإن كان معدوما فسقط الزواج أي لم يصح العقد. مهما لم يكن أية صريحة قط تدل على
وجوب الولي في الزواج.
ورأى
بعض الفقهاء (فقهاء الشافعية) بأن الولي ركن من أركان الزواج، ورأى الآخرون
بأن
الولي شرط من شروط الزواج، وليس مطلقا، لأن في بعض الأحوال لا يشترط الولي. ويصح الزواج
إذا
استوفى الشروط و الأركان الملزمة في الأحكام الإسلامية. وكان سبب الاختلاف لأن
الحجج الدالة عليه كانت ظنية أي تحتوي على
الاحتمالات. وعلاوة على ذلك، فصحة الأحاديث المستخدمة كانت في مجال النقاش.
وانطلاقا من
بعض المسائل المذكورة، فاجتهاد أبي حنيفة في مسألة الولي في الزواج
مثيرة للبحث عنه، أكانت من الناحية المنهجية المستخدمة في الاجتهاد، فضلا عن الناحية
الاجتماعية والتاريخية، وغيرها.
ب. مناقشة
.I حياة أبي حنيفة
إسمه الكامل هو النعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه،
ولد بمدينة الكوفة بالعراق سنة 80 هجرية في عهد الدولة الأموية، عندما تولى
الخليفة عبد الملك بن مروان، فضلا عن معرفته ببدإ انحطاط الدولة وانتصار
العباسيين. وقد منح لقب "النعمان" بمعنى الدم أو الروح، ليصبح جيلا
طيب
الأعراق في المستقبل. وكان والده فقيها و شخصا بارزا. ولقب
"حنيفة" (اسم مؤنث من حنيف) يعني العبيد الكثير العبادة لأنه كان يرغب ويتكئ
على دين الحق. وفي رواية أخرى، لقب بذلك لأنه كان دائما يحمل الحبر (والحبر في اللغة
العراقية يسمى بحنيفة ).[9]
ولد ونشأ في العرب، وأسلافه كانوا من فارس. ومع
ذلك، لا يميز في طلب العلوم بين أئمة فارس والعرب. ولد هو في عصر عاش فيه الأصحاب
الأجلاء، منهم أنس بن مالك (خادم الرسول صلى الله عليه وسلم)، وعبد الله بن أبي
عوف، وسهل بن سعد الساعدي، وأبو الطفيل بن عامر بن واثلة.[10]
وكان
الإمام أبو حنيفة أول من قام بالاجتهاد في عهد التابعين. وبالإضافة إلى ذلك، كان
أول من صنف وجمع علم الفقه، وتابعه الإمام مالك بن أنس في تصنيف
كتاب
الموطأ. ولا أحد سبق الإمام أبو حنيفة في الاجتهاد، لأن الأصحاب والتابعين كانوا معتمدين
على الحفظ عن ظهر قلب. وعندما رأى أبو حنيفة أن العلوم قد بدأت تنتشر إلى نطاق
واسع، كان يعاني بالخوف والقلق، حتى قام
بتصنيف ومنهجية كتاب كامل.[11]
أ. رحلة أبي حنيفة
الفكرية
منذ
طفولة أبي حنيفة، قد ظهر ميله إلى العلوم، وخاصة فيما يتعلق بالدين الإسلامي. وتعلمها
كثيرا
من
العلماء التابعين، مثل عطاء بن أبي رباح، والإمام نافع مولى بن عمر. كما أنه درس
الحديث والفقه من العديد من علماء البلاد الرائدة. وكان المعلم الأكثر تأثيرا
الإمام حماد بن أبي سليمان (المتوفى سنة 120 هجرية). أما بالنسبة للعلماء الذين
درسوا معه يبلغ عددهم إلى 200 نسمة. ومن أساتيذ أبي حنيفة هم الإمام أحمد الباقر، وأبو
الزبير، والإمام عدي بن ثابت، والإمام عبد الرحمن بن هرمز، والإمام قتادة، وغيرهم.[12]
وما
كان يبدأ الإمام أبو حنيفة تعلم علم الفقه، ولكن تعلم في البداية علم الكلام، ومع هذا
أثر في تشكيل منهج تفكيره العقلاني والواقعي. حتى اشتهر في آوانه بأهل الرأي
في
الفقه مع منهجه المعروف بالاستحسان.[13]
ما
ترك أبو حنيفة تأليفات فيها وجهات النظر الحكمية الفقهية. وإنما مجرد أن هناك
رسالات صغيرة نسبت إليه، مثل الفقه الأكبر، والعالم والمتعلم، ورسالة في الرد
على
القدرية. وكل ذلك قد أجمعها أتباعه. ومن طلاب أبي حنيفة الأكثر شهرة أربعة، وهم يعقوب
بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري، المعروف بأبي يوسف، وزفر بن هذيل، ومحمد بن الحسن بن
فرقد الشيبانى، والحسن بن زياد اللؤلؤي. من خلالهم انتشر
المذهب الحنفي إلى نطاق واسع، ولا سيما من خلال تلميذيه، أبو يوسف و الشيبانى.
منذ
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى عصر الإمام الشافعي، انقسم العلماء إلى الفئتين
الشهيرتين بعلماء أهل الرأي وعلماء أهل الرواية. وطائفة أهل الرأي قد بذلوا
جهودهم للعثور على علل الأحكام، وقرروها باستخدام
القوة العقلية. وبالعكس، مالت طائفة أهل الرواية
إلى استخدام الحجج المنصوصة بمثابة نقط الانطلاق لاجتهاداتهم.[14]
ودخل أبو حنيفة
في طائفة علماء أهل الرأي. واختياره لاستخدام العقل
في الاجتهاد ما لم يجد الحديث المشهور، ويعتبر خطوة احتياطية حتى لا يقع في أمر
كاذب في رواية الحديث.[15]
وإطار
التفكير الذي تبناه تلاميذه من بعد. ومن طلابه المعروفين، كما سبق الذكر، هما أبو
يوسف والشيبانى. ويعتبر أبو يوسف من أشهر الفقهاء في البصرة والكوفة. وكان ماهرا
في رواية الحديث حتى يصير حافظا. وله مساهمات كبيرة في انتشار المذهب الحنفي. وعين
قاضيا في بغداد، ولاحق عين قاضي المحكمة العليا في عهد الخليفة هارون الرشيد. من
خلال هذه الموقف، لديه سلطة لتعيين القضاة في جميع ولايات الدولة العباسية. ومع
هذا، كان لديه فرصة لنشر المذهب الحنفي في
تطبيق الأحكام.
ب. حالة الكوفة
الاجتماعية والتاريخية
فهم
وجهات نظر أي شخص، لا يمكن أن يخلو من ديناميات حياته. هذا ولأن
نتيجة فكرة لا ينبع من مساحة فارغة. وأنها ترتبط حتما بالظروف المحيطة بها. بل
يوجد النظر أن لن يفهم فكرة على الإطلاق، إلا عن طريق استخدام السياق المعقولي (plausibility
context) الذي ينشأ فيه تلك الفكرة. ولذلك، مثل كارل مانهايم بنظريته
العقلانية
يشدد على أهمية معرفة العلاقة بين التفكير والواقع الاجتماعي. حيث ذكر فيها أن كل تفكير
يرتبط دائما مع كل البنية الاجتماعية المحيطة به. ومن ثم، فإن صحة التفكير إنما في
صحة السياق، وليست موضوعة في الصحة العالمية. ولذلك، لا بد من فهم تفكير أي شخص
ينطلق من السياق والبنية المعقولية التي يملكها.[16]وهذا
ينطبق أيضا في فهم أفكار أبي حنيفة في استنباط
الأحكام.
كما
سبق ذكره على أن أبا حنيفة ولد في منطقة بعيدة عن مركز الأحاديث النبوية وهي
الكوفة. ومن المعروف أن الكوفة آنئذ أصبحت مدينة كبيرة، حيث نشأت فيها العلوم
والثقافات. درست هناك الفلسفة اليونانية، والحكمة الفارسية، كما أن العديد من المذاهب المسيحية نشأت فيها قبل ظهور الإسلام وناقشت
القضايا السياسية، وأصول العقيدة، وغيرها. وعلاوة على ذلك، في الكوفة ولد فيها بعض
المجتهدين، وعاشت فيها طوائف في علم الكلام، مثل
الشيعة، والخوارج، والمعتزلة.[17]
قد
كانت الكوفة موضع اجتماع ثقافتي العرب والعجم، وبدت أكثر تعددية. وبُعد الموقع
الجغرافي عن مركز الأحاديث النبوية في غاية الأمر يحدد نشاط الاجتهاد من قلة استخدام
السنة النبوية كأحد مكونات الاجتهاد. ومناهج التفكير فيها أكثر أهمية، وواقعية، وعقلانية
بدلا من المنهج النصي. ووظيفتهم كتجار تجعل أنماط تفكيرهم غير ملزمة على الأمور
المنصوصة.[18]
في
عصر الدولة الأموية، قد كانت الكوفة مدينة نامية، ومركزا للنشاط الفكري في العالم
الإسلامي. كما أنها مدينة المركز العسكري الذي تم بناؤها في عهد الخليفة عمر رضي
الله عنه سنة 17 هـ الموافق سنة 638 م. وهي عاصمة سابقة في عهد الخليفة علي رضي
الله عنه، واحتلت موقعا استراتيجيا، ومستفادة من الأنشطة التجارية والهجرة.[19]
في
تطور الحركات الدينية، وخاصة خلال الدولة الأموية ظهرت في الكوفة سباقة الحركات
الفلسفية الدينية التي حاولت على زعزعة استقرار الإسلام. نمت فيها طوائف دينية مختلفة.
كما أنها ادعت مدينة مؤثرة بالشيعة، حيث أن الخليفة علي رضي الله عنه نقلت العاصمة
من المدينة المنورة إلى الكوفة لأسباب سياسية. ومن ذلك الحين، أصبحت الكوفة قاعدة
الدعم لعلي. وساهم هذا الدعم على سباقة ظهور الشيعة. وبالإضافة إلى ذلك، نمت فيها المعتزلة
العقلانية. وإلى جانب المعتزلة، نمت طائفة دينية أخرى وهي الخوارج التى تدعم بأنها
الطهرانية الإسلامية. وكذلك القدرية التي عارضت مفهوم التقدير، والمذهب المبكر
للفلسفة الإسلامية، كما أن الخوارج التى تعتبر طائفة سياسة دينية مبكرة. طالبت الخوارج
بحقوقها كقبيلة قريش للحصول على الامتيازات التي تستولى السلطة.[20]
ومن
الطوائف الأخرى التي ظهرت خلال هذه الفترة هي المرجئة، التي حملت عقيدة تأخير
العقاب على المؤمنين المرتكبين بالإثم، وأنهم على الرغم من ذلك مسلمون. أي بشكل
عام، وتعاليم المرجئة الأساسية تدور حول التسامح. وبشكل تفصيلي، ونظرت المرجئة في
فرض الأحكام الشرعية من قبل الخلفاء الأمويين لرفضهم كزعماء السياسة الواقعية للمسلمين.[21]
وعقب
إطاحة الدولة الأموية من قبل العباسيين، كانت الكوفة لم تعد مركز الحكومة. وفي سنة
762م، قام المنصور، مالك الدولة العباسية ببناء عاصمة جديدة، وهي بغداد.[22]وسبب
ذلك، لأن الكوفة مركز قوات الشيعة، ومخافة من أنصار علي في الكوفة الذين هم معارضو
العباسيين في المجال السياسي. على الرغم من المهمشة سياسيا، ولكن الكوفة تطورت
تطورا سريعا.
ولذلك،
فإن الديناميات الجمعية في مدينة الكوفة حينئذ أصبحت تحديات للعلماء لإنتاج
الأحكام أكثر استيعابا. وذلك لأن الوضع الاجتماعي لشخص إلى حد ما سيؤثر على التفكير
في مواجهة مختلف المشاكل سواء أ كانت قانونية، أو اقتصادية، أوسياسية، وما أشبه
ذلك. عالمية مدينة بغداد والكوفة وتعقيدهما تؤدي إلى خريطة الفكر لأبي حنيفة في
مجال الأحكام. بالإضافة إلى أن بغداد تقع بعيدة عن مدينة الحديث، وهي المدينة
المنورة. وبذلك، كان تأثير العقل، والمسافة البعيدة أكثر استخداما فضلا عن استخدام
النصوص.
هذا
بخلاف الإمام مالك بن أنس الذي عاش حياته في المدينة المنورة. لأن تعقد المشاكل
فيها أقل وأبسط، ولأنها مدينة الحديث. وهذه الظروف تأثرت كثيرا على كثافة استخدام الحديث
أكثر من استخدام العقل في النشاط الاجتهادي. ويمكن غض النظر إليه من ظهور كتاب
تذكاري له وهو الموطأ الذي يحتوي على مجموعة من الأحاديث، وهو أيضا يعتبر كتاب
الفقه المبني على أساس الحديث.
ومثال آخر هو
الإمام الشافعي مع ما لديه منقول قديم أو فتاوى قديمة، وقول جديد أو فتاوى جديدة.
فالقول القديم هو فتاوى الإمام الشافعي حين عاش في بغداد مع ما فيها من الظروف
الاجتماعية المحيطة بها، وأما القول الجديد هو فتاوى الإمام الشافعي بعد هجرته إلى
مصر مع ما فيها من الظروف المحيطة بها. فواقع مصر بحيث فيها آراء متنوعة جعلت
الإمام متصفا بالحكمة والاتزان. ومثل هذه الظروف والأحوال ما جعلت الإمام قام
بتجديد منهجية الفكر الفقهي، وذلك من خلال إعادة صياغة بعض فتاواه القديمة في
العراق وسياقها.[23]
II. الاجتهاد
عند أبي حنيفة
أ.
مفهوم الاجتهاد
يُعرف
الفكر القانوني في الإسلام بالاجتهاد.
ولكن قبل الشروع إلى
مناقشة الـمفهوم
الـمنهجي والإبستيمولوجي الذين وضعهما أبوحنيفة، نحن في أمس الحاجة إلى إعادة النظر إلى
مفهوم الاجتهاد
نفسه.
فالاجتهاد لغة، مأخوذ
من كلمة الجَهد أو الـجُهد التي تشير إلى معنى مشقة وكاد ووسع.[24]
أما في الاصطلاح،
فعرفه بعض العلماء بما يلي:
"الاِجتِهَادُ
هُوَ اِسِتفْرَاغُ الوُسعِ فيِ تحصيل العِلمِ أَو الظَّنِ باِلـحُكم وَهُو
لِأَنَّه عَلى مَا تَقَدَّم لا بد له من هذه الـمعارف كوسيلة إلى فهم مقاصد
الشريعة.
"بذل الـمجتهد وسعه
في طلبه العلم بأحكام الشريعة".
3.
الدكتور وهبة الزحيلي في
كتابه "أصول الفقه الإسلامي"، يقدم تعريف الاجتهاد كما وضعه القاضي
البيضاوي:[27]
"وأنسب
تعريف في رأينا من التعاريف الـمنقولة، هو ما ذكره القاضي البيضاوي وهو:
"استفراغ الجهد في درك الأحكام
الشرعية".
الاجتهاد هو بذل الفقيه الوسع في نَيْل حكم شرعي
عملي بطريق الاستنباط.
ويمكن
أن نقول إن الاجتهاد هو استفراغ الوسع في تحصيل العلم بالحكم بأدلة شرعية.
والاجتهاد كما ذكره الإمام
الشاطبي يهدف إلى تحقيق الـمصلحة الـمناسبة لـمقاصد الشريعة.[29]
وأما
الاجتهاد عند العلماء الـمعاصرين، فهو مفهوم يحتوي على متضمنات منهجية ونظامية ووظيفية. ويرى
عبد الله أحمد النعيم
إلى أن الاجتهاد في معناه العام منسجم مع تفسير القرآن الكريم والسنة النبوية.
وعند ما يُستند مبدأ أو
قاعدة شرعية إلى الـمعنى العام أو متضمنات واسعة النطاق من نصوص القرآن والسنة
الـمختلفة عن الحكم
الـمباشر من النصوص الواضحة والـمفصلة، فينبغي أن يتم ارتباط هذه
النصوص والـمبادئ الشرعية من
خلال الـمنطق القانوني.[30]
بناء
على هذا،
يمكننا
أن نستنتج أن
الاجتهاد هو محاولة جادة لاكتشاف الحكم لـمختلف الـمشاكل التي ظهرت في وقتها مع
الاعتماد على مصادر الشريعة
الإسلامية، والانتباه
إلى الواقع الذي سيتم تنفيذ الحكم فيه.وهذا الـمفهوم متطابق مع مفهوم
الاستنباط الذي يفهمه
علماء الفقه.[31]ومع ذلك، يرى
الشوكاني إلى أن الاستنباط يعد عملية
الاجتهاد، لأن الأخير يتم إجراءه عن طريق قواعد الاستنباط.[32]
الفكر القانوني
الإسلامي مستنبط من تفسير رسائل نصوص القرآن والسنة الـمتطورة. وهذا لا يخلو من ظروف
ومتطلبات الـمجتمع الـمتطورة والزاخرة بالديناميات. فالاجتهاد له دور كبير لدراسة
واستكشاف وتطوير الشريعة الإسلامية لتصبح ملحة للغاية.[33]
وطريقة الاجتهاد تفرض على نتيجة الاجتهاد التي تقدم حلولا للمشاكل التي تتجدد وتتغير
يوما وراء يوم.
ب.
رأي أبي حنيفة في الولي.
قبل إجراء مزيد
من الـمناقشة فيما يتعلق بالولي في الزواج، فمن الضروري أن نتعرف على معنى الولاية
في الزواج. الولاية في اصطلاح الفقهاء هي
سلطة يثبتها الشرع لإنسان معين، تمكن من رعاية الـمولى عليه من نفس ومال.[34]
والشخص الذي يملك سلطة للقيام على شيء يسمى بالولي.
وفيما
يتعلق بالولي في الزواج، فيمكن
أن نفهمه على أنه شخص يملك سلطة على تزويج امرأة في ذمته لرجل آخر. فالولي في
الزواج عنصر مهم وحاسم. وهذا الرأي سائد بين الشافعية.
خلافا لرأي الإمام أبي حنيفة الذي يشير
إلى أنصحة الزواج ليست في وجود أو عدم وجود الولي. وهذا الاختلاف
على الأقل يعود إلى
عدة أسباب؛ 1) لا يوضح القرآن بالتأكيد على صحة الزواج بدون ولي، 2)
لـم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديث متواتر يحتوي على دلالة قطعية على صحة الزواج بدون
ولي، ولا حديث متفق على صحته، 3) وبالإضافة إلى ذلك، نصوص القرآن والحديث
الـمستخدمة كحجة،
لا يزال تحتوي على
الاحتمالين؛ تنص
على وجود الولي أو تسمح بعدمه.[35]
والشخص
الذي يقوم بدور الولي يجب أن تتوفر فيه الشروط. وتذكر الحنفية أن الولي يجب أن
تجمع فيه الشروط التالية: 1)
مسلم، هذا شرط مطلق في
رأي الإمام أبي حنيفة وكذلك العلماء الآخرين، 2) بالغ، أي من يتحمل عبء القانون، ويكون
مسؤولا عن تصرفاته،
3) عاقل، لأنه يستطيع أن يتحمل مسؤوليته ويقدر على حساب تصرفاته، 4) كامل الحرية، أن الـمرء عندما يقع تحت
سلطة الآخر عند الحنفية، لـم تبق فيه الحرية في تنفيذ
العقد. فالعبد لا يصح أن يكون وليا في الزواج.[36]
فيرى الجمهور
عدم صحة النكاح بدون ولي، ويستدلون عليه بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
قُدَامَةَ بْنِ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَنْ يُونُسَ
وَإِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ
النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِىٍّ». (رواه
أبو داود)[37]
يشير هذا الحديث إلى أن الزواج يصح بوجود الولي فيه.
ويرى
بعض العلماء أن "لا" في الحديث "لا" نافية.
والـمراد منه أن وجود الولي شرط صحة الزواج، خلافا عن أبي حنيفة الذي يذهب إلى أن "لا" في هذا
الحديث، "لا" كمالية. فالزواج عنده يصح بغير الولي، إلا أنه
عقد غير كامل.[38]
والولي
في الزواج هو الشخص الذي يملك سلطة للقيام على تزويج الـمرأة. يرى جمهور العلماء إلى أن
الزواج لا يصح إلا بوجود الولي لأنه شرط لصحته. ولكن أبا حنيفة يذهب
إلى أنه لا يشترط الولي لصحة النكاح.[39] أما من يذهبون إلى ضرورة
وجود الولي، فيرون إلى ما يلي:
إن جمهور العلماء يرون أنه لا يصح النكاح إلا بولي،
فلا يجوز للمرأة أن تباشر عقد نكاحها نفسها دون وليها. وقال أبو حنيفة إن الزواج يصح بغير ولي، فالزواج
عنده يصح بغير الولي،
إلا أنه عقد غير كامل. ويجوز لها أن تزوج نفسها وغيرها وتوكل في النكاح. إذا بلغت
رشيدة، ولا يجوز أن يمنعها عن الزواج، إلا إذا تزوجت بغير كفئ، فيجب أن يمعنها عنه
وليها.[40]
ويجوز لولي أن يعترض على الزواج إذا تزوجت بغير
كفئ، وهي لـم تحمل أو
لـم تلد. وإذا سكت حتى ولدت أو حملت حملا
ظاهرا، سقط حق الولي في الاعتراض على الزواج حفاظا
على تربية الولد.[41]
واستدلت
الحنفية بالقياس، حيث إن البكر مثل الثيب في الواقع. والأيم التي لا زوج لها، بكرا
كانت أو ثيبا أحق بنفسها من وليها. والبلوغ يحصل بكون الـمرأة بالغة وعاقلة. والأيم، بغض النظر عن حالتها بكرا كانت أم ثيبا، قد
بلغت رشيدة إذا كانت بالغة وعاقلة. فللمرأة
البالغة العاقلة أن تتولى عقد زواجها، وزواج غيرها. [42]
III. تحليل إبستمولوجي ومتضمناته
إبستمولوجيا
هي كلمة مشتقة
من كلمتين يونانيتين "إبستيم" بمعنى "معرفة" أو
"علم" و"لوجوس" بمعنى "دراسة" أو
"نظرية". وإبستمولوجيا تسمى أيضا بنظرية الـمعرفة، وهي فرع من فروع
الفلسفة التي تتعامل مع طبيعة الـمعرفة، ومن أين يمكن امتلاك الـمعرفة. بعبارة
أخرى، إبستمولوجيا تعني نظرية الـمعرفة التي تتناول جميع العمليات في محاولة
لاكتساب الـمعرفة.[43]
ولـمعرفة
عملية تحليل الأساس الإبستمولوجي الذي استخدمه الإمام أبو حنيفة، فاستعانت هذه
الورقة بإطار سوسيولوجي الـمعرفة، وخاصة نظرية كارل مانهايم (Karl Mannheim)، وهي
نظرية تفسر العلاقة الجدلية بين التقاليد الأصلية والشريعة الإسلامية، وبين تغيرات
الزمن وتحدياته.[44] والهيكل
الـمعقولي (Plausibility
Structure) الذي هو جزء أساسي من سوسيولوجيا الـمعرفة يعد مدخلا للنسبية في
التفكير. وهذه النسبية هدف من سوسيولوجيا الـمعرفة الذي يعترض صراحة على الـموضوعية
في مجال العلوم الاجتماعية.[45]
والـمعقولية
في الحقيقة عملية يقوم بها الفرد لتفسير الواقع الاجتماعي الذي يعاني منه. ويكون هذا التفسير شخصيا جدا ومتأثرا بالسياق
الذي يعيش فيه. ولذلك، تفسير الحقائق الاجتماعية والدينية وكذلك الاجتماعية
السياسية، يكون مختلفا عن غيره من الأفراد. وبالتالي، فالنهج الاجتماعي من خلال
الهيكل الـمعقولي يساعد في تحليل وفهم الفكر الذي يأتي به الشخص.
وبالإضافة
إلى العنصر الـمعقولي في نظرية سوسيولوجيا الـمعرفة في تحليل الأسس الفلسفية لأبي
حنيفة، يوجد عنصر آخر، كجزء من نظرية سوسيولوجيا الـمعرفة، وهو جدلية تطبعية،
وتموضعية، وتخارجية.[46] والتطبع هو
عملية يقوم بها الشخصية البارزة والـمجتمع في منطقة معينة في فهم الواقع
الاجتماعي، وخاصة الإسلام. والتموضع هو العملية التي من خلالها يقوم الإنسان بفهم
تطبيق الإسلام؛ أي ديناميكية الحياة وكل الـمشاكل الـمعقدة. وأما التخارج فهو
تنفيذ القيم التي تم تطبعها من قبل مجتمع الكوفة في ذلك الوقت فيما يتعلق
بالديناميات الاجتماعية الـمحيطة بهم. وهكذا، إن فكر أبي حنيفة والظروف الـمحيطة
به لا يمكن فصلها عن هذه العمليات الثلاث.
واستخدام
الباراديم (Paradigma) الأكثر عقلانية بشكل سائد لا يمكن فصلها بالتأكيد
عن الـموقع الجغرافي أو الوضع الحالي لأبي حنيفة عند الاجتهاد. وعندما كان في
مدينتين كبيرتين؛ بغداد والكوفة، يتعامل الإمام أبو حنيفة بعقلانية عالية مع
الـمشاكل الـمختلفة التي كانت تظهر باستمرار بسبب الحياة الـمعقدة في الـمدينة.
علاوة على ذلك، تقع مدينة بغداد بعيدة عن الـمدينة الـمنورة التي كانت مركزا
للحديث النبوي. فما جعل هذا الأمر إلا أن
يضع هو وتلاميذه العقل في الـمقدمة أمام الأحاديث غير الـمشهورة في حال عدم وجود
النصوص من القرآن الكريم. خلافا عن الإمام مالك بن أنس الذي كان يعيش في الـمدينة
الـمنورة ببساطة من الحياة، ويجد الأحاديث العديدة، ولذا كان يقدم الأخذ من
الأحاديث أكثر من اعتماده على العقل. ومن بين أعماله الشهيرة كتاب
"الـموطأ"، وهو عبارة عن مجموعة من الأحاديث الأولى، كما يمكن أن نسميه
كتاب الفقه لاستناده إلى الحديث النبوي والرواية.
وقد يتأثر
اجتهاد أبي حنيفة في بعض الأحيان على استنتاج قانوني أوسع وأحيانا متحيز. على سبيل
الـمثال، الـمساواة بين البكر والثيب على أساس البلوغ والعقل قد تأثر تأثيرا سلبيا
للبكر التي تريد أن تتزوج. ورضا الثيب مثلا، يمكن التعرف عليه من خلال انفتاحها
لأنها قد سبق لها الزواج. أما بالنسبة للبكر فتكتم رغبتها، وفي ثقافة لـمجتمع
معين، قد تعبر البكر بابتسامة أو صمت عن موافقتها في الزواج. ولذلك، تحتاج البكر
إلى الولي في الزواج للحد والتقليل من الآثار السلبية.
IV. علاقة الاجتهاد بالواقع الإندونيسي
مسائل قانون الأسرة في إندونيسيا
ترجع
إلى القانون رقم:
1 لسنة 1974 وكذلك
مجموعة القوانين الإسلامية (Kompilasi
Hukum Islam/KHI) كعنصرين لا يمكن فصلهما في إطار التفكير القانوني لدي مجتمع إندونيسيا، وخاصة للقضاة الذين يتخذون
القرارات. ومجموعة القوانين الإسلامية مخصصة لـمسلمي إندونيسيا، ومصنفة طبقا
لطريقة تعامل الشعب
الإندونيسي مع الإسلام الذي يتبني الـمذهب الشافعي. فالولي في الزواج له مكانة
هامة كركن من أركان الزواج.
والولي في الزواج كركن من الأركان الزواج وارد في
الـمادة 14 من مجموعة القوانين الإسلامية، كما تنص الـمادة 19 صراحة على أن
"الولي في الزواج هو ركن من أركان الزواج الواجب توفرها بالنسبة للمرأة
ليتولى تزويجها". وهذا التصريح تعززه الـمادة التي تليها، أي الـمادة 20
الفقرة 1، التي تنص على "أن من يتولى
تزويج الـمرأة هو الرجل الذي تتوفر فيه الشروط التالية: كونه مسلما، وعاقلا،
وبالغا".
وما
ذهب إليه الإمام أبو حنيفة عيوبه ومزاياه. ومن عيوبه مخافة أن يزيد العديد ممن
يتزوجون بصورة تعسفية دون الرجوع إلى الولي. أما بالنسبة لـمزاياه فترتفع درجة
الـمرأة ومكانتها، وتملك حق الولاية على نفسها وتعمل أفضل لها طبقل لرغبتها. ولكن
ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة لا يزال من الصعب تنفيذها في إندونيسيا بسبب أشياء
مختلفة، منها هيمنة قوية للـمذهب الشافعي وكذلك الاختلاف في الظروف الاجتماعية.
ج. خاتمة
ثمرة
الفكر للإنسان لـم تلد من فراغ. هناك عدة العوامل التي تؤثر على أبي حنيفة في استنباط
الحكم، منها ظروف اجتماعية. والكوفة التي
كانت يسكنها السكان متعدد الأعراق والثقافات قد جعلت أبا حنيفة أن يتكيف مع طرق
حياة مجتمعها واحتياجاته. ففي منظور سوسيولوجيا الـمعرفة، كان الإمام أبو حنيفة -
اجتماعيا وتاريخيا - يضع مفهوم التفكير
العقلاني الذي يعرف فيما بعد باسم أهل الرأي. ويتضح ذلك من نتائج الاجتهاد، وخاصة
في قانون الأسرة؛ مثل الولي في الزواج، حيث ذهب إلى أن الولي ليس ركنا من أركان
الزواج. هذا الفهم نتيجة من بنية التفكير التي تعتني بالهيكل الاجتماعي التعددي
وغموض الأدلة.
واستخدام العقل أصبح سائدا بسبب الظروف الجغرافية لـمدينة الكوفة الـبعيدة عن مركز
الحديث النبوي أي الـمدينة الـمنورة. على الرغم من أن أباحنيفة لـم يكتب كتابا،
إلا أن تعاليمه تم تحولها
في يد تلاميذه إلى وسائل مختلفة. كما مهد الوضع الاجتماعي لتلميذ أو
حاكم، الطريق لنشر هذا
الـمذهب حتى وقتنا الحاضر. ومن هنا اشتهر أبوحنيفة بأهل الرأي. كما أن الاستخدام
الـمباشر للعقل يعطي لونا مختلفا في استنتاج الحكم الأكثر مرونة، والـموافق مع سياق
صدر فيه القانون.
كما أن هذه الفكرة لـم تسلم من الانتقادات.
على الرغم من استنادها إلى نظرية سوسيولوجيا الـمعرفة، إلا أن نتيجة الاجتهاد التي
أجراها أبوحنيفة تحتوي
على الـتحيز. وذلك لأن نظره إلى البكر والثيب على أنهما
متساويان على أساس البلوغ ما هو إلا نتيجة مجردة.
الـمراجع
والـمصادر
1. الـمراجع العربية
أبو داود بن السجستاني.
سنن أبي داود، كتاب النكاح. بيروت: دار الفكر.
أبو حامد الغزالي.
الـمستصفى من علم الأصول. مصر: شركة الطلابية الفنية الـمتحدة.
أبو إسحاق الشاطبي.
الـموافقات في أصول الشريعة. الرياض: دار الفكر العربي.
عبد الرحمن الفقيه. أرشيف
ملتقى الحديث. الـمجلد الأول. الأسطوانة. الـمكتبة الشاملة.
محمد محمد عريضة. 1992.
الإمام أبو حنيفة؛ النعمان بن ثابت التميمي الكوفي، فقيه أهل العراق وإمام أصحاب
الرأي. بيروت: دار الكتب العلمية.
محمد عبيد الجابري. 1990.
بنية العقل العربي: دراسات تحليلة نقدية لنظم الـمعرفة في الثقافة العربية. بيروت:
مركز دراسات الوحدة العربية.
محمد محي الدين. 2007.
الأحوال الشخصية . بيروت: مكتبة عالـمية.
وهبة الزحيلي. أصول الفقه
الإسلامي. 1986. بيروت: دار الفكر.
2. الـمراجع الأجنبية
Abdullah, M. Amin.
2012. Islamic Studies
di Perguruan Tinggi
; Pendekatan Integratif-Interkonektif. Yogyakarta: Pustaka Pelajar.
Ahmad, Noor., al
et al. 2009. Epistemologi Syara’:
Mencari
Format
Baru Fiqh Indonesia. Semarang : Wolisongo Press
with Pustaka
Pelajar.
Black, Aan., H.
Esmaeili,
and N. Hosen.
2013. Modern
Perspectives on
Islamic Law. Cheltenham:
Edward
Elgar Publishing.
Dimasyqi, Muhammad bin Abdurrahman
ad-.
2010. Fiqih Empat Mazhab alih bahasa Abdullah
Zaki Alkaf Bandung : Hasyimi
Press.
Esposito,
John L. T.t. Muslim
Family Law Reform: Toward an
Islamic Methodology. Islamabad: Islamic Research
Institute,
International
Islamic University.
Fanani, Mukhyar. 2008. Membumikan
Hukum Langit. Yogyakarta: Tiara Wacana.
________. 2010. Fiqih Madani, Kontruksi Hukum
Islam di Dunia Modern. Yogyakarta
: LkiS.
.
2010. Metode Studi Islam Aplikasi Sosiologi
Pengetahuan Sebagai
Cara Pandang.
Yogyakarta
: Pustaka Pelajar.
Fikri,
Ali. 2003. Kisah-kisah Imam
Madzhab.
Yogyakarta: Mitra
Pustaka.
Ghazaly, Abdurrahman
al-.
2003. Fiqih Munakahat.
Jakarta: Pustaka
Kencana.
Hasyim, Fathoni. 2013.
Pemikiran Hukum
Islam Imam al-Bukhori.
Yogyakarta:
Pustaka
Pelajar.
Hitti, Philip K. 2005. History
of The Arabs; Rujukan Induk
Paling
Otoritatif tentang
Sejarah Peradaban
Islam. Translated by Cecep Lukman and Friends. Jakarta:
Serambi Ilmu Semesta.
Jauhar, Ahmad al-Mursi Husain. 2010. Maqasid Syariah
fi al-Islam,
translated by Khikmawati.
Jakarta : AMZAH.
Kuntowijoyo. 2001.MuslimTanpa Masjid. Bandung: Mizan.
Mallat, Shibli and Jane
Connors (ed.).
1993. Islamic Family Law. London:
Graham
& Trotman.
Mua’alim,
Amir and Yusdani.
2005. Ijtihad dan Legislasi Muslim
Kontemporer. Jakarta: UII Press.
Mugits, Ahmad.
2008. Kritik Nalar Fiqh Pesantren. Jakarta: Kencana.
Muhammad,
Husein. 2007.
Fiqh Perempuan: Refleksi
Kiai atas Wacana Agama dan
Gender. Yogyakarta:
LKiS.
Munawwir,
A.W. 1997. Kamus al-Munawwir
Arab-Indonesia
Terlengkap. Surabaya: Pustaka Progresif.
Nasution, Khoiruddin. 2013. Hukum Perkawinan I; Dilengkapi
Perbandingan UU
Negara Muslim Kontemporer.
Yogyakarta: Academia +Tazzafa.
Purwanto, Muhammad Roy.
2014. Dekontruksi Teori
Hukum Islam;
Kritik terhadap Mashlahah Najmuddin
at-Tufi. Yogyakarta: Kaukaba.
Rohmat. 2011. “Kedudukan
Wali dalam Pernikahan
: Studi Pemikiran Syafi’iyah,
Hanafiyah dan Praktiknya
di Indonesia, “Jurnal Al-Adalah Vol. X, No.
2.
Roibin. 2008. Sosiologi Hukum
Islam; Telaah Sosio-Historis Pemikiran Imam
Syafi’i.
Malang:
UIN Malang Press.
Schacht, Joseph.
2012. an Introduction
to Islamic Law,
alih bahasa Joko Supomo.Yogyakarta: Imperium.
Shiddiqy,
Hasbi
Ash-. 2007. Pokok-pokok
Pegangan Imam Madzhab.
Semarang:
Rizki
Putra.
Suyatno. 2011. Dasar-dasar
Ilmu Fiqih dan Ushul Fiqih. Yogyakarta: Ar
Ruzz Media.
Zahrah, Muhammad
Abu. 2010. Ushul Fikih. Jakarta: Pustaka Firdaus.
Josept Schacht, An Introduction to Islamic Law (London:
Oxford University Press, 1982), p. 1.
Suyatno, Dasar-dasar Ilmu Fiqih dan Ushul Fiqih (Yogyakarta:
Ar Ruzz Media, 2011), p. 13.
[3]معنى المصلحة هو الصلاح، مصدر
ميمي من كلمة صلح يصلُح، وهو بمعنى حسن، وحق، وعدل، وصلح. في فهم المقاصد الشرعية،
قام الإمام الشاطبى المعروف بأبي المصلحة بتقسيم المقاصد إلى ثلاثة،وهي الضروريات
(الابتدائية)، والحاجيات (الثانوية)، والتحسينيات (التكملة). ويعنى بالمستوى الأولى،
وهو الضروريات (الابتدائية) وهي المصالح التى لا تستغنى عنها من أجل قيام المصالح
الدينية والدنياوية. وإن عدم بعضها أو كلها فلا يمكن أن تسير تلك المصالح بشكل
جيد، بل تفسد. فتقع من عدمها الصدمة وفقدان الحياة؛ تزيل النعم ومليئة بالخسارة.
وعلاوة على ذلك، تتكون الضروريات من حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل.
ولتحقيق ذلك، قام الإمام الشاطبي بخطوتين؛ أولا، بتطبيق مباشر عن طريق إقامة
المفاصل والأساسات. وثانيا، بشكل غير مباشر وذلك عن طريق منع وقوع شيء
يمكن أن يلحق الضرر به. وأما بالنسبة للمستوى الثاني، وهو الحاجيات (الثانوية)،
وهي المصالح التى توفر راحة وسهولة، وبدونها سوف تظهر المشقة. وتغطي هذه المصالح
في أمور العبادة، والعادة، والمعاملة،
والجناية. والمستوى الثالثى، وهو التحسينيات (التكملة) التي يتم القيام بشيء يتضمن
صلاح العادة، وابتعاد عن السلوك السيئ الذي يستحق الشجب وفقا للعقل السليم...
للمزيد أنظر الشاطبي، الـموافقات في أصول الشريعة الجزء الرابع، (رياض: دار الفكر
العربي، دون عام)، ص. 8-12.
Abdullah
Salim Zarkasyi, Fiqh di Awal Abad 21, dalam Epistemologi Syara’:
Mencari Format Baru Fiqh Indonesia (Yogyakarta: Pustaka Pelajar kerjasama
Walisongo Press, 2009), pp. 30-33.
John
L. Esposito, Muslim family Law Reform: Toward an Islamic Methodology. (Islamabad:
Islamic Research Institute, International Islamic University, t.t), p. 23.وزاد
السيد حسين نصر بدوام الأمر في الأحكام الإسلامية، ولكم من حيث المبدأ يمكن تطبيقه
في الظروف والحالات الجديدة وسط المجتمع.
أنظر
أيضاAan Black
dkk., Modern Perspectives on Islamic Law (Cheltenham: Edward Elgar
Publishing, 2013), p. 6. وانظر
أيضا Shibli Mallat dan Jane Connors (ed.),
Islamic Family Law (London: Graham & Trotman, 1993), p. 261.
Fathoni
Hasyim, Pemikiran Hukum Islam Imam al-Bukhori (Yogyakarta: Pustaka
Pelajar, 2013), p. 4.
[7] محمد محمد عريضة، الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت التميمي
الكوفي، فقيه أهل العراق وإمام أصحاب الرأي، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1992)، ص.
6 و 27
Ali
Fikri, Kisah-kisah Imam Madzhab (Yogyakarta: Mitra Pustaka, 2003), pp.
5-6
[9] هناك اختلاف حول مولد أبي حنيفة. ذكرت رواية أخرى بأنه ولد سنة
61 من الهجرة. أنظر؛ محمد محمد عريضة، الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، ص. 5،
وانظر أيضا Ali Fikri, Kisah-kisah Imam.., p. 3
Ahmad Mugits, Kritik Nalar Fiqh Pesantren (Jakarta:
Kencana, 2008), pp. 73-74; محمد عريضة، الإمام ...، ص. 18
Muhyar
Fanani, Membumikan Hukum Langit (Yogyakarta: Tiara Wacana, 2008), p.
171.
Hasbi
Ash Shiddiqy, Pokok-pokok Pegangan Imam Madzhab (Semarang: Rizki Putra,
2007), p. 442; و محمد محمد عريضة، الإمام
...، ص. 34-35
Philip K. Hitti, History of The Arabs; Rujukan Induk
Paling Otoritatif tentang Sejarah Peradaban Islam, Terj. Cecep Lukman. Dkk (Jakarta:
Serambi Ilmu Semesta, 2005), p. 301.
Roibin, Sosiologi Hukum Islam; Telaah Sosio-Historis
Pemikiran Imam Syafi’i (Malang: UIN Malang Press, 2008), p. 132.
A.W.
Munawwir, Kamus al-Munawwir Arab-Indonesia
Terlengkap (Surabaya: Pustaka Progresif,1997),
p. 217
[25] أبو إسحاق الشاطبي إبراهيم بن موسى بن اللخمي الغرناطي
الـمالكي، الـموافقات في أصول الشريعة، الجزء 4، (الرياض: دار الفكر العربي)، ص.
113.
[26] أبو حامد الغزالي، المستصفى في علم أصول الفقه، (مصر: شركة
الطلابية الفنية الـمتحدة، 1971)، ص. 342.
[29] مقاصد الشريعة تحتوي على حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل.
أنظر الشاطبي، الـموافقات، الجزء 2.، ص. 10. أنظر أيضا
Ahmad Al-Mursi
husain Jauhar
,Maqasid Syariah
fi al-Islam,
alih
bahasa oleh
Khikmawati
(Jakarta
:AMZAH, 2010), p. xv.
Abdullah Ahmad An-Na’im, Dekontruksi Syar’iah (Yogyakarta: LKiS,2004). p.45
[31] من بين العلماء الذين قصروا الاجتهاد بمعنى الاستنباط الإمام
الشافعي. أنظر وهبة الزحيلي، أصول الفقه الإسلامي....ص. 1040
Sutrisno, Nalar
Fiqh..., p.56
Amir Muallim
dan Yusdani, Ijtihad
dan Legislasi
Muslim
Kontemporer
(Jakarta: UII
Press,
2005), p.
xv.
Kamal Mukhtar,
Azas-azas Hukum
Islam
tentang Perkawinan (Yogyakarta:
Tiga A,
1974), p.
89.
Rohmat,“Kedudukan Wali dalam Pernikahan: Studi Pemikiran Syafi’iyah, Hanafiyah, dan Praktiknya
di Indonesia,
“Jurnal Al-Adalah Vol. X,No.2 (Juli 2011), p.
167.
Husein Muhammad, Fiqh Perempuan: Refleksi Kiai atas Wacana Agama dan Gender (Yogyakarta: LkiS,2007), p.
18.
Muhammad bin Abdurrahman
al-Dimasyqi,
Fiqih
Empat Mazhab translated by Abdullah
Zaki
Alkaf (Bandung:Hasyimi
Press),
p. 339.
Rohmat, “Kedudukan Wali..., p.
174
Muhammad
Roy
Purwanto,
Dekontruksi
Teori Hukum Islam; kritik terhadap Mashlahah Najmuddin at-Tufi (Yogyakarta: Kaukaba,
2014), p. 163.
[44] أنظر
Mukhyar Fanani,
Metode Studi Islam Aplikasi
Sosiologi Pengetahuan
Sebagai Cara
Pandang. (Yogyakarta: Pustaka Pelajar, 2010),
p. 54
Mukhyar Fanani,
Fiqih Madani, Kontruksi Hukum
Islam
di Dunia Modern
(Yogyakarta: LKiS, 2010), p.
11.
Kuntowijoyo,
Muslim Tanpa Masjid
(Bandung: Mizan, 2001), pp.
139-140
and 337.
Artikel ini diterbitkan di Jurnal Al-Mawarid, Journal of Islamic Law Vol.XV, No. 1 August 2015. Bisa disownload via OJS jurnal tersebut. http://jurnalmawarid.com/index.php/almawarid/article/view/188/166
1 komentar:
نصائح للتخلص من الضغوط التي تواجهك في حياتك، مقال رائع جداً ..
لا يفوتكم ⬇⬇
https://noslih.com/article/%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%AD%20%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%AE%D9%84%D8%B5%20%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%BA%D9%88%D8%B7%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A%20%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D9%83%20%D9%81%D9%8A%20%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%83
Posting Komentar